في الآونة الأخيرة، تزايدت بشكل مقلق حالات النصب والاحتيال التي تستهدف مستعملي خدمة بريدي موب وحاملي البطاقة الذهبية في الجزائر. اللافت في هذه القضايا ليس فقط عددها، بل الأسلوب الاحترافي الذي يعتمده المحتالون، ما يجعل حتى الأشخاص الحذرين عرضة للخداع.
تعتمد إحدى أكثر الطرق انتشارًا على اتصال هاتفي من رقم يبدو رسميًا، يبدأ غالبًا بمقدمات مثل 0770 أو 0660 أو 0550، وهي أرقام توحي للضحية بأنها تابعة لمؤسسة بريد الجزائر. المتصل يعرّف نفسه على أنه عون بالبريد، ويُبلغ الضحية بوجود “تحديثات في النظام” أو “إجراءات أمنية عاجلة”، ثم يطلب منه التعاون لتفادي غلق الحساب.
ما يزيد من خطورة هذا الأسلوب أن المحتال يكون على اطلاع واسع بالمعلومات الشخصية للضحية: الاسم الكامل، رقم الحساب، رقم البطاقة الذهبية، بل وحتى تاريخ فتح الحساب. هذا المعطى يُسقط الشك تلقائيًا لدى الكثيرين، ويُرجّح فرضية وجود تسريب داخلي أو تواطؤ من أشخاص لهم صلاحية الوصول إلى هذه البيانات الحساسة.
عادة ما يتم اختيار الضحايا بعناية، خصوصًا كبار السن أو الأشخاص محدودي الخبرة بالتكنولوجيا. فور إقناع الضحية، يطلب المحتال رمز التحقق الذي يصل إلى هاتفه، بحجة تأكيد الهوية أو تحديث الحساب. بمجرد تسليم هذا الرمز، يتمكن السارق من إعادة تعيين كلمة السر لحساب بريدي موب، أو حتى إنشاء حساب جديد باسم الضحية إن لم يكن لديه حساب سابق. بعدها قد يطلب رمزًا ثانيًا، يدّعي أنه خاص بعملية تصحيح أو تحويل، وهنا تكتمل عملية النصب ويتم الاستيلاء على الأموال.
أمام هذا الواقع، تبقى الوقاية هي السلاح الوحيد. بريد الجزائر لا يطلب أبدًا معلومات حساسة عبر الهاتف المحمول، ولا يتصل بالمواطنين لطلب رموز التحقق أو بيانات البطاقات. أي إجراء مستعجل يتم دائمًا بدعوة الزبون إلى التقرب شخصيًا من مكتب البريد. كما أن الهاتف المحمول وسيلة شخصية، ولا يجوز تسليمه أو مشاركة رموزه مع أي كان، مهما كانت المبررات.
إن أغلب عمال بريد الجزائر معروفون بأخلاقيات المهنة واحترامهم لقواعد التعامل، وغالبًا ما يمكن تمييز المحتال من طريقة حديثه وضغطه النفسي على الضحية. الحذر، وعدم الاستعجال، ورفض مشاركة أي معلومة حساسة، تبقى قواعد أساسية لحماية النفس والمال في زمن الاحتيال الرقمي.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
مضاف من طرف : frankfurter