الجزائر - A la une

الوقع الملموس بابعاده الثلاث في الجزائر النفسية




الخوف حالة انفعالية تثيرها المواقف الخطرة أو المنذرة بالخطر والتي يصعب على المرء مواجهتها لذلك يعتبر الخوف استجابة للتهديد بالأذى وردة فعل لخطر وشيك الوقوع في موقف لا يسمح للفرد بالتكيف معه أو التغلب عليه.
فإذا واجه الإنسان فجأة وهو يقطع الأشجار سيارة مسرعة أو رأى حيوانا غرببا فإنه يشعر بالخوف أو شعور الإنسان بالخوف هو استجابة للخطر الذي يهد حياته أيا كان مصدره .

الخوف نمط من السلوك الانفعالي الذي يتميز بمشاعر قوية ذات طبيعة غير سارة عند الفرد مصحوبة ببعض الاستجابات أو المظاهر الفيزيولوجية والحركية (السلوكية) ويمكن القول أن للخوف مظهران هما:
1)مظهر فيزيولوجي: ويتمثل في تغيرات فسيولوجية تنشأ عنها إحساسات ومشاعر مختلفة يشعر بها الإنسان أو تظهر على شكل ملامحه حين إحساسه بالخوف.
وفيما يلي بيان بأهم الأعراض التي تصاحب الخوف كما دلت على ذلك الإحصائيات التي قام بها علماء النفس ونسبة تكرار هذه الأعراض في الإحصائيات التي أجريت:
- سرعة خفقان القلب 86℅. – الإحساس بتقلص المعدة 52℅
-الإحساس بالهبوط في المعدة75℅ -الشعور بالضغط والإغماء 51℅
-الإحساس بوجع المعدة 59℅ -القيء 34℅
-الرعشة56℅ - فقدان السيطرة على عملية التبرز10℅
-تصبب العرق البارد 55℅ - التبول غير الارادي 10℅
(عثمان النجاتي .علم النفس في حياتنا اليومية وعبد الرحمان صالح عبد الله مطالعات في علم النفس العام ص182)
2)المظهر السلوكي: ويتمثل في اضطرابات شخصية الفرد الذي يبدو في ظهور بعض المشكلات كالتهتهة في الحديث ،التبول اللاإرادي ،الحركات العصبية ،النوم المضطرب ،الخجل وعدم الجرأة نتوقع الشر ،شدة الحرص،التهاون والاستهتار ،عدم القدرة على التفكير المستقل ،وعدم الإقدام على عمل من الأعمال .

الخوف ظاهرة طبيعية في الإنسان تؤدي وظيفة بيولوجية هامة في حياته ،فالخوف يدفع الإنسان إلى الهرب من الخطر وإلى الحذر منه فيعينه ذلك على حفظ حياته . والخوف استعداد غريزي أوجده الله في البشر،لحكمة عظيمة إذ أنه يدفعنا إلى حماية أنفسنا والمحافظة عليها وتجنب كل ماهو ضار لنا ،ولولا الخوف لما تجنبنا النار التي تحرق ،أو الحيوان الذي يفترس أو المادة التي تأذي ،أو المرض الذي يقتل.
ومن النادر أن نجد أفرادا لا يشعرون بالخوف ،والفرد الذي لا يشعر بالخوف إن وجد يعد غير عادي ،وغير سوي ،وهو يختلف عن الأطفال الذين لا يخافون من بعض الأشياء بسبب عدم إدراكهم خطر هذه الأشياء على حياتهم .فمثلا الطفل الذي يكون عمره سنتين ويرى عقربا تجري لأول مرة في حياته: قد يظنها لعبة فيسرع إلى إمساكها واللعب بها ،ولو أدرك هذا الطفل خطورة العقرب لخافها وابتعد عنها واستغاث بمن حوله للخلاص منها.
مما سبق نرى أن الخوف نوعان رئيسيان هما :
1)الخوف الطبيعي: وهو الخوف من الأشياء الضارة التي تدفع الإنسان إلى الحذر والحيطة من هذه الأشياء لتجنب ضررها .ويسمى هذا النوع من الخوف بخوف الحذر والحيطة ،وهذا الخوف لا يسبب أية مشاكل لأنه يرتبط بأسباب يزول بزوالها.
2)الخوف غير الطبيعي: وهو الخوف المتكرر ،الوقوع من الأشياء الضارة أو الغريبة إلى الحد الذي يجعله مشكلة تحتاج إلى تأمل وعلاج .فعلى سبيل المثال إذا وجدنا طفلا في الثالثة من عمره يخاف من الظلام فإن هذا الخوف يعد عاديا بالنسبة للأطفال بهذا السن ،غير أن خوف الطفل في السابعة من عمره من الظلام يعد غير عادي وغير معقول ولذلك يسمى هذا الخوف بالخوف الشاذ الذي يضر بشخصية الفرد وسلوكه ويصبح مصدر قلق في حياته مما يستدعي العلاج.

الخوف انفعال يكتسبه الطفل أو الإنسان من البيئة التي يعيش فيها تماما مثلما يتعلم أخلاقه أو ميوله أو اتجاهاته المختلفة ،ولا يرتبط الخوف بالعوامل الخارجية (البيئية) فقط بل يرتبط ببعض الدوافع والعوامل النفسية الداخلية وهذا ما يجعل مهمة البحث عن سبب الخوف أكثر تعقيدا وأكبر صعوبة وقد اختلف العلماء في تصنيف أسباب الخوف ومن أبرز هذه التصنيفات التصنيف الذي وضعه فرويد وقسم فيه الخوف إلى قسمين هما:
1)مخاوف موضوعية أو حقيقية ويسميها البعض المخاوف الحسية أو الواقعية وفيها يرتبط الخوف بموضوع معين محدد مثل الخوف من الحيوان أو الظلام وقد يكون هذا الخوف راجعا إما إلى خبرة سابقة مر بها الطفل وإما نتيجة ما يقوم به الكبار من ذكر بعض الموضوعات التي يخاف منها الطفل كلما شاهدها وتذكرها وتنقسم هذه المخاوف حسب الخطر الذي يتوقعه الشخص العادية منها((3أقسام)):
أ)نوع يكون فيه الخطر بارزا مثل الخوف من النار.
ب)نوع يكون فيه الخطر يرجع إلى الصدفة مثل الخوف من السفر بالطائرة أو الخوف من انتقال العدوى.
ج)نوع يكون فيه الخوف مطلق مثل الخوف من الصراصير أو من صعود الأماكن العالية أو الأماكن المقفلة.
2)مخاوف عامة غير محدودة ويسميها البعض بالمخاوف غير الحسية وهي التي لا يرتبط فيها الخوف بموضوع محدد وإنما يكون الخوف فيها عائما غير مستقر على موضوع معين أو يكون موضوعها مجمولا ليس له وجود محسوس مثل الخوف من الغول أو العفريت أو الموت أو جهنم .
وهذه المخاوف ذات آثار عميقة في حياة الطفل وخطرها عادة يكون أكبر من خطر الخوف من الأشياء المحسوسة ولذلك سماها فرويد بالقلق العصبي.

1-الخوف مصدره محدد أما القلق فمصدره غير محدد وإن كان الخوف أحد مصادره.
2-الخوف إذا حددت أسبابه يمكن زواله بزوال أسبابه أما القلق فمستمر.
3- الخوف له ملامح ظاهرة أما القلق فملامحه خافية وليست ظاهرة.
وقد فصل أيزنك Eysenck أسباب الخوف في سبعة فئات هي:
ف1)مخاوف من الحيوان كالخوف من الأفعى والقطط والعناكب.
ف2)مخاوف من مشاعر العداوة لدى الآخرين كالخوف من التشاجر ومن الناس الغاضبين ومن حاملي السكاكين.
ف3)مخاوف ذات شكل أخلاقي كالخوف من الانتحار أو العذاب في جهنم.
ف4)مخاوف من النقد الاجتماعي كالخوف من نقد الناس أو الفشل أو تحمل المسؤولية .
ف5)مخاوف من الظلام وما يرتبط به من كالشعور بالوحشة أو العزلة .
ف6)مخاوف من الأماكن الخطرة كالخوف من السفر في الطائرة أو الخوف من المياه العميقة.
ف7)مخاوف من الموت أو الأذى كالخوف من الجروح أو مشاهدة العمليات الجراحية أو حوادث السيارات.

يتوجب على الآباء ومربو ومربيات الروضة إتباع التوجيهات التالية حين النظر في معالجة ظاهرة الخوف:
أولا:تحديد سبب الخوف ونشأته أمر هام في علاج الخوف لأن الخوف يزول بزوال أسبابه.
ثانيا:لما كان الخوف مكبت من البيئة التي يعيش فيها الفرد ولاسيما والديه وأفراد أسرته توجب على الآباء والمربين عدم إظهار مشاعر الخوف للأطفال كما يتوجب على الأمهات والمربيات بشكل خاص عدم تخويف الأطفال من أجل تسكيتهم أو إجبارهم على النوم أو الخلود إلى الهدوء.
وعلى الآباء أن يتذكروا أن الخوف يتكون غالبا بالاستشارة أو التكرار فالقاعدة العامة تتمثل في منع إثارة الأشياء التي تخيف الأطفال وحتى يكون الآباء قادرين على علاج خوف أطفالهم عليهم أن يتذكروا أن إيحاء السلوك أقوى من إيحاء الألفاظ (د.عبد العزيز القومي ،أسس الصحة النفسية ،ص362)في تحقيق علاج الخوف وإزالته.
فمثلا إذا أرادت الأم من طفلها ألا يخاف من الدواء فلا معنى لإظهارها لعلامات التألم وهي تأخذ الدواء،وإذا استحال عليها فعل ذلك عليها أن تخفي مظاهر خوفها من أخد الدواء عن طفلها.
ومن الوسائل السهلة في معالجة الخوف التشجيع الجمعي وهو مات فعله بعض الأمهات سواء عن وعي ومعرفة أو بشكل لا شعوري ،فحين تحاول الأم إعطاء الدواء لأحد أطفالها ويخاف من هذا الدواء تشجعه عن طريق إعطائها الدواء لأحد طفليها الذين لا يخافون تناوله مما يشجع الطفل الأول على تناول الدواء تحت تأثير الآخرين وبالتكرار تجد الأم أن مظاهر الخوف لدى أطفالها تزول بسرعة وسهولة.
ثالثا: يختلف علاج الخوف باختلاف نوعه أو سببه على النحو التالي:
أ-إذا كان الخوف ناشئا عن مخاوف حسية فلا بد من ربط مصادر الخوف بأمور سارة ومحببة لدى الطفل وهذه الطريقة تعد من أهم الطرق في علاج الخوف فمثلا يمكن معالجة حالة خوف أحد الأطفال عن طريق تقديم الشيء الذي يخاف منه تدريجيا أثناء قيامه ببعض الأعمال والهوايات المحببة لديه وبالتدريج يصبح هذا الشيء المخيف ألوفا لدى الطفل حتى يزول الخوف منه.
ب-إذا كان الخوف ناشئا عن مخاوف لا تدرك من قبل الأطفال لعدم وجودها كالغول مثلا،فإن الأمر يتطلب عدم إثارة الموضوعات التي تسبب هذه المخاوف أما إذا كانت الموضوعات التي تسبب مخاوف الأطفال موجودة فعلا كالموت فإنه يتوجب على الآباء شرح حقيقة الموت بالشكل الذي يتناسب مع عقل الطفل وخبرته والسماح للطفل بالحديث في هذا الموضوع دون كبته في نفسه حتى لا يتعثر فجأة بما يتعلق بحقيقة الموت فحتى لا يقع في صدمة عنيفة تنشأ عند وفاة أحد.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)