الجزائر - Publications Scientifiques

إشكالية ازدواجية اللغة في الرواية وخطورة المصطلح بين التراث والحداثة


إن اللغة تحيي بأهلها، تنمو وتتطوّر، ففي حياتهم حياة لها، وفي التخلي عنها وإهمالها موت لها، فمصير العربية إذن أمانة بين أهلها. أُنظر أيّها القارئ الكريم إلى التخلّف الحضاري الذي وُسم به أهلها، كيف جعل العربي عاجزاﹰ عن التعبير عن الاكتشافات الجديدة المستوردة؟، إذْ لم يكن له خيار بأن يستوردها بمسمّيات أهلها مثل الكلمات التالية: ميكروفون، تلفزيون، تيليكوموند، روبو، بورتابل، كاميرا، كومبيوتر، ستلايت، ميكروسكوب، والغريب في الأمر أنّ بعض المثقفين يعتقدون أنّ اللّغة الأجنبية لغة أهل الحضارة والتقدم، الأمر الذي يجعلهم يلجأون إلى اختيار كلمات أجنبية يستعملونها وفي نيتهم أنهم يزيّنون بها حديثهم، معتقدين علو شأنهم وسمو ثقافتهم بين الناس، وبعض الروائييين من إخواننا في الوطن العربي سلكوا هذا السبيل، فكان للمزاوجة بين الفصحى والعامّية حضور قوي في إنتاجهم الأدبي، والحقيقة أنّه مرض لغوي خطير، أصاب الكثير من المثقفين وانتشر بسرعة مذهلة بين الطلبة في الجامعات، وتلاميذ المدارس والثانويات، في مجالات مختلفة من الحياة، ولم يتوقف الأمر عند اللغة الأجنبية، بل تعدّاه إلى استعمال ألفاظ عامّية أكثرها سوقية، يتباها بها أبناؤنا في المقاهي وعلى الطرقات، يتراسلونها فيما بينهم مستعملين هواتفهم النقالة دون حياء، وممّا زاد الأمر تعقيدا من انتشار هذا الداء في الأمّة، هو إخواننا العاملون في مختلف محطات وسائل الإعلام الذين يستعملون كلّ الألفاظ الأجنبية والعامّية الدارجة على ألسنة النّاس، ظانّين أنّهم يحسنون صنعا، وإذا قمت بزيارات إلى الجامعات العربية ستنتابك الدهشة حيال الوضع الذي آلت إليه اللغة، إذ أنّ العلوم تُدَرَّس بلغات أجنبية، مما أثَّر سلبا على لغة الأم لدى الدارسين، ولوحظ فيها كثير من اللحن، فيا أمّة محمّد-صلّى الله عليه وسلّم- كيف هانت لغة القرآن لدينا؟ وكيف أضحى اللّحن فيها لا يعنينا؟

تنزيل الملف
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)