الجزائر

أطفال كبار




أطفال كبار
مات الاسكندر البقدوني او الاسكندر الأكبر في سن الثالثة والثلاثين وقد فتح مشارق الأرض ومغاربها، واستطاع قهر الإمبراطورية الفارسية أكبر إمبراطورية على وجه الأرض في تلك الحقبة، وهو في سن السادسة والعشرين، وسقط شهداء الجزائر الكبار الذين قادوا الرجال والكثير منهم لم يتجاوز الثلاثين، وقد خلد الشاعر التونسي الشابي أشعاره ومآثره الإبداعية ومات وهو لم في سن السادسة والعشرين، وأسماء كثيرة لشباب مروا عبر التاريخ ماتوا في سن مبكرة وتركوا خلفهم مآثر توحي لمن تابعها أن صانعيها عاشوا مئات السنين، ومع الأسف شبابنا اليوم في السن الثالثة والثلاثين يعدون أطفالا إذا ما قرنا تصرفاتهم مع تصرفات شباب صنعوا التاريخ، والشاب الذي لا يصنع شخصيته الذاتية لن تصنعها له أسرته الثرية ولا مسؤولية وتاريخ أجداده، وصغر كهولنا وشبابنا اليوم للحد الذي صارت حياتهم كلها ملاعب كرة القدم وأهازيج البطولة والنوادي الكروية، أو سهر الليالي والاهتمام بآخر سروال جينز نزل لسوق لا يكاد يستر مؤخرته، ومن المؤسف جدا أن تستعمل وسائل النقل وتلتقط مسامعك نقاشات لشباب وكهول أقل ما يقال عنها تافهة، لا مستوى ولا فكر ولا حتى هدوء، ويمضي العمر ويكبر شبابنا ويصلون إلى سن الشيخوخة ولا يعرفون من الحياة سوى نوادي كرة القدم وآخر صيحة في مودة السروايل التي لا تستر المؤخرات. الحياة واسعة وقصيرة ولكن نعيشها طويلة مملة دون إنجاز يذكر، وإن كان الشاعر أنشد قائلا "ليت الشباب يعود يوما" فلن ينشد شبابنا مثله حين يتعدون العقد السادس من عمرهم لأنهم سيعتبرون أنفسهم أنهم ما يزالون أطفالا .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)