الجزائر

واجهة المعالم التاريخية بالعاصمة



تستقطب ساحة البريد المركزي، على مدار السنة، العديد من السياح المحليين الأجانب، الذين يتوافدون على المبنى الذي يعدّ من المعالم السياحية "البارزة" بالعاصمة، ويعتبر موقعها القلب النابض لعاصمة الجزائر، هندستها المعمارية وتاريخها يثيران فضول الزوار الذين لا يترددون في أخذ صور تذكارية أمام هذا المعلم، الذي تم ترميمه، مؤخرا، وأعيد له جماله الخارجي، في انتظار افتتاح أبوابه للزوار كأوّل متحف بريدي في الجزائر.تتميز بعض المعالم السياحية عن غيرها بشهرة عالمية، تمثّل مكاسب كبيرة تعود بمداخيل للخزينة العمومية، باعتبارها تروّج للسياحة وتستقطب أعدادا متزايدة من الزوار من ربوع العالم.
وللجزائر تاريخ ومعالم سياحية تثير اهتمام الكثيرين، الذين يحاولون من خلال زيارتهم لها اكتشاف ذلك التاريخ والغوص فيه بالتوافد على أكثر المناطق التي ترويه بحماس، والمعالم السياحية نوعان، منها العظيمة، وبعضها منخفض القيمة، فبغض النظر عن حجم تلك المعالم، فالأهم هو مدلولها التاريخي المحلي لكل دولة تحوز على معلم وعلى تاريخ وعلى قصة ترويها، منها ما يهتم به فقط السكان المحليون لتلك الدول لارتباطهم بذلك التاريخ دون غيرهم، ومنها ما لها شهرة عالمية لارتباط الكثيرين بها والذين لهم علاقة تاريخية تربط ماضي أجدادهم بها مباشرة، في حين هناك من المعالم السياحية ما لا يرتبط البعض بها بعلاقة تاريخية وإنما لشهرتها أو لجمالها، أو لموقعها أو فقط لقصة ترويها...
ولا يمكن زيارة دولة معينة دون اكتشاف جانب من تاريخها، حضارتها، وتقاليد شعوبها وعاداتهم في الأكل أو الاحتفال أو غير ذلك، ولا تتم السياحة إلا بزيارة أكثر المعالم السياحية شهرة في تلك المنطقة، أو بزيارة العاصمة ولتخليد تلك اللحظات يتم أخذ صور تذكارية أمام مختلف تلك المعالم التي تبحر بعد فترة بالزائر عند عودته إلى موطنه لتلك الأوقات التي تكون سجلت لديه أحاسيس جميلة ومميزة.
وتزخر الجزائر بالعديد من المعالم التاريخية والأثرية، التي تجعل الزائر يستمتع بسياحته هناك، وتشهد العاصمة العديد من البنايات التي خلفتها الحضارة العثمانية أو شيّدها المستعمر الفرنسي، وتدلّ تلك المعالم على قدم وعراقة تلك المنطقة، والتي تروي أروع القصص عبر العصور التاريخية المختلفة، حيث تمتلك إرثا حضاريا عريقا في القدم يمتد إلى عصور قديمة، بالإضافة لمواقع الجذب السياحي لعدد من المناطق المزدهرة حضاريا وعمرانيا والتي تعد مقصدا سياحيا بفضل طبيعتها وأجوائها الرائعة، ومن أبرز المعالم في العاصمة "البريد المركزي" الذي يتوسّط أرقى أحياء العاصمة، يلتقي عنده شارعا الشهيدين "العربي بن مهيدي" و«ديدوش مراد"، منفتحا على حديقة "الساعة الزهرية" الواسعة والمطلة على مياه البحر الأبيض المتوسط في منظر جميل يطل مباشرة على ميناء الجزائر.
تم الشروع في بناء البريد المركزي أو كما سمي في الحقبة الاستعمارية بالبريد العام على هيئة قصر فاخر عام 1910، وتم استكمال تشييده بعد ثلاث سنوات، يتميز بزخارف عربية، أندلسية راقية، يصنّف تلقائيا ضمن التحف المعمارية المتفردة، هندسته المعمارية استلهمها المهندس "ماريوس تودوارد" من المعمار العربي الإسلامي، حيث كانت الفكرة تنطلق من محاولة الحاكم العام للجزائر آنذاك أي في بداية القرن العشرين "شارل جونار" توطين المباني لجعلها جسر عبور إلى قلوب الجزائريين الذين كانوا ينفرون من التعاطي مع الإدارة الاستعمارية بمبانيها الفكتورية ذات الطراز الأوروبي المحض، فكان التفكير في تشييد مبان ذات طابع إسلامي أندلسي لجعلها جسر عبور إلى قلوب الجزائريين واستمالة عواطفهم والتقرب من طبقة المثقفين والمحافظين بتشجيعهم على القيام بوظائفهم داخل ذلك النوع من المباني الراقية على غرار مبنى "المحافظة" والذي يعد اليوم مبنى "الولاية" المطل على واجهة البحر ليس ببعيد عن ساحة البريد المركزي.
ومنذ تشييده، استغل هذا المبنى لمعاملات البريد والمواصلات إلى غاية السنوات القليلة الماضيج، حين تم غلق أكبر جزء منه في انتظار إعادة فتحه أمام السياح كمتحف للبريد الأول من نوعه في الجزائر يروي عبق تاريخ ذلك المبني ومراحل تطور هذا القطاع في الجزائر، ليبقى الجزء المتبقي منه الذي استفاد هو الآخر من إعادة تهيئة مفتوحا أمام الزبائن لخدمات البريد وكل ما يتعلق بها.
ويجعل السلم الحجري للمبنى وأعمدته الطويلة وسقفه الشاهق، كل زائر وكل مار من هناك، أجنبيا كان أو جزائريا يزور العاصمة لأول مرة، يرغب في التقاط صورة تذكارية له هناك، أو الجلوس على السلالم رفقة الأصدقاء يقابلون بذلك حديقة الساحة التي باتت هي الأخرى لها تقاليد لباعة الكتب القديمة من جهة والذين يمنحون المارة الفرصة للاطلاع على بعض الصفحات من تلك الكتب، ومن جهة أخرى باعة الزهور ونباتات الزينة الذين أضفوا على المكان جمالا وروعة حولت القلب النابض للعاصمة من مدينة صاخبة مبهمة المعالم إلى منطقة جميلة تزينها المباني ذات الطابع المعماري الفريد وبلمسة خضراء من الطبيعة يرتاح فيها الزائربكل المقاييس.
❊ نور الهدى بوطيبة
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)