الجزائر

حيرت الاستعمار الفرنسي ولم يكتشف أسرارها مغارة العابدة بجبل سيدي قاسم بعين تموشنت


حيرت الاستعمار الفرنسي ولم يكتشف أسرارها                                    مغارة العابدة بجبل سيدي قاسم بعين تموشنت
تقع مغارة العابدة في أعلى جبل سيدي قاسم بين الأحراش بعين تموشنت، غير بعيد عن ضريح الولي الصالح الذي يحمل الجبل اسمه، علوها عن سطح البحر يتجاوز 005 مترا.
الوصول إليها لم يكن سهلا، نظرا لانعدام المسالك التي تأثرت بعوامل طبيعية منذ عشرات السنين، حسب بعض سكان المنطقة الذين كانت تربطهم علاقة تقاليد ورثوها أبا عن جد بزيارة الجبل والتبرك بالولي الصالح، خاصة النسوة اللواتي يتنقلن إليه قصد الإنجاب أو الزواج.
يرجع تاريخ المغارة إلى قرون خلت لم يستطع أي كان تحديدها، نظرا لعدم اهتمام الباحثين بها.
أحد كبار دوار المغانى، الحاج حميدة، دلنا على السيد محمد جمعي، الذي يبلغ حاليا 77 سنة من عمره، كونه دخل المغارة اللغز. من خلال تجاذبنا الحديث معه بمسقط رأسه بالقطنة، ذكر لنا أنه فعلا غامر بحياته في عام 1951، حيث كان لم يتجاوز سنه 17 سنة، مضيفا ''انتابني خوف كبير، خاصة أن المكان مظلم، اندهشت في الوهلة الأولى، إذ كنت رفقة بعض أصدقائي الذين غادروا المنطقة، حتى لا يكونوا شاهدين على وفاتي أو ضياعي داخل المغارة، فإصراري جعلني أستعمل حبلا لا يتجاوز طوله 45 مترا، قمت بحزم الحبل حول شجرة، وبدأت أتقدم بخطى متثاقلة نتيجة الخوف من المجهول، مع استمرار تقدمي سمعت صوت أمواج البحر، حيث استعنت ببعض الشموع كلما تقدمت إلا وانطفأت نظرا لكثرة الرطوبة.
المغارة، يقول السيد جمعي، ''بها مساران عبارة عن اتجاهين. الأول يسير في اتجاه شاطئ سيدي جلول، والآخر نحو منطقة تسالة، حسب عدة روايات من السكان القدامى للمنطقة''، يواصل الحديث، قائلا ''إصراري على المغامرة لم يدم طويلا، كون الحبل وصل إلى نهايته، فأرغمت على العودة لتنتهي مغامرتي الأولى''.
شيء آخر ذكره السيد جمعي هو أن المغارة أطرافها من حجر، وتتوفر على ممرات على شكل أدراج ''سلالم''.
تجربة ثانية كانت في سنة 1967، حيث وصلت، يقول محدثنا، إلى نفس النقطة التي وصلت إليها سابقا، الشيء الجديد في زيارته الثانية للمغارة هو اكتشافه أن صوت أمواج البحر لم تعد كذلك، كونها انقطعت، السبب في ذلك يرجعه إلى كون الاستعمار الفرنسي، خوفا من استغلال المغارة من قبل المجاهدين إبان ثورة التحرير، فجّر إحدى مخارجها وأنجز جدارا إسمنتيا.
فالمغارة حيرت العدو الفرنسي، مع الإشارة إلى أن المنطقة قدمت للثورة أكثر من خمسمائة شهيدا، منهم الشهيد برحو قادة، الذي يعتبر من أوائل شهداء الثورة التحريرية.
الحكاية عن المغارة لم تتوقف، فدلنا السيد جمعي على السيد أحمد بلطرش، البالغ من العمر 75 عاما، عاش هو الآخر مغامرتين مع مغارة ''العابدة''، هذا الأخير ذكر ل''الخبر'' أن هناك فرنسيا كان يدعى ايتيان، كان يشغل مدير مدرسة التي تحمل اسم الشهيدة جمعي سعدية الآن، يقول عنه إنه كان فضوليا لمعرفة أسرار هذه المغارة، حيث كانت لي زيارة معه إلى هذه الأخيرة في سنة 1969، فاتخذ التدابير الأمنية، من خلال توفير حبل طوله 60 مترا، مع وضع إشارة بالطبشور عند كل مسافة صغيرة نقطعها، تجنبا لأي طارئ، مع وضع الحبل أيضا حول الجسم.
داخل المغارة، وفي مكان يبدو على شكل غرفة، عثرنا على هيكل عظمي للسيد بن أحمد من أولاد بوجمعة، اكتشفه الفرنسي ايتيان، فقمت بجمع بقايا الهيكل العظمي، التي كانت تنبعث منها رائحة المسك، ووضعته داخل حقيبة وتعاونا على إخراج الهيكل العظمي، الذي سلمناه إلى أهله. العملية استمرت من الساعة الثامنة صباحا إلى غاية الثامنة ليلا، في فصل الصيف، مع العثور على سبحة كانت حول عنق الضحية. كما كانت له حكاية ثانية، حيث تم الاتصال به لإنقاذ طالب جامعي من ولاية سيدي بلعباس سقط بالمغارة، عندما جاء لزيارة الولي الصالح وكان رفقة أحد أقاربه، يروي السيد بلطرش أن العملية استغرقت أربع ساعات ''ساعدني في ذلك الحاج منور بولعارف، الذي كان قوي البنية. الجلابة التي كان يرتديها وجدت عند مدخل المغارة، هي التي كشفت مكان وجوده، حيث سقط منذ عشرة أيام، لما وصلنا إليه وجدته جالسا نحيف الجسم، لم يشرب ولم يأكل طول المدة، فأخرجناه حيا يرزق، ولم أتصور، يضيف، كم كانت فرحة أفراد عائلته كبيرة، لأنه لم يكن أحد يتوقع أن نعثر عليه حيا''. لتبقى هذه المغارة بحاجة إلى اكتشافات أسرار، قد يصلها يوما الباحثون في علم الجيولوجيا.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)