الجزائر

الدكتور عامر رخيلة عضو سابق بالمجلس الدستوري ل"المساء": لابد من وضع ضوابط تضمن استقرار الوثيقة الدستورية



الدكتور عامر رخيلة عضو سابق بالمجلس الدستوري ل
أرجع الدكتور عامر رخيلة، أستاذ جامعي بكلية العلوم السياسية، وعضو سابق بالمجلس الدستوري، التعديلات المختلفة التي عرفتها الدساتير الجزائرية، إلى مرونتها، حيث قال "كل التعديلات التي عرفتها الدساتير الجزائرية تمت بطريقة دستورية لتستجيب للمتغيرات الاجتماعية والسياسية، ولكن في المقابل، ينبغي وضع ضوابط وشروط لضمان عدم المساس باستقرار الوثيقة الدستورية. وحول التعديل الدستوري المرتقب والغاية منه، حاورت لكم" المساء" الدكتور عمار رخيلة في هذه الأسطر.

المساء: ما تعليقك عن التعديل الدستوري المرتقب؟
الدكتور رخيلة: أعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث عن التعديل الدستوري المرتقب، لأنه عبارة عن مشروع مقترح للنقاش، ولم تتبين ملامحه فيما إذا كان هذا التعديل يمس بعض المواد أو أنه يستهدف توازن السلطات الدستورية أي السلطات الثلاثة، وفي كلتا الحالتين سواء أكان التعديل يستهدف بعض النصوص أو أنه تعديل إصلاحي تقتضيه الضرورة السياسية، فإن المشروع سوف يطرح على البرلمان بغرفته، بعدها يقدم لرئيس الجمهورية أو يتم عرضه للاستفتاء الشعبي تبعا لأحكام المادة 177 من الدستور، التي تنص على أنه يمكن لرئيس الجمهورية أن يصادق على تعديل الدستور بعد اجتماع البرلمان بغرفتيه، أو أن يعرض على الاستفتاء الشعبي طبقا لما تنص عليه المادتان 167 و177 من دستور 1996.

ألا تعتقد أن الدستور الجزائري خضع للعديد من التعديلات؟.
حقيقة، نقف اليوم عند التعديل الدستوري السادس، وهذا يدل على مدى مرونة الدستور الجزائري، وكما هو معرف في العالم، فإن الدساتير الأكثر عرضة للتعديل هي الدساتير المرنة، وعند الحديث عن التجربة الجزائرية في مجال تعديل الدستور، نلاحظ أنه منذ سنة 1963 إلى غاية التعديل المقترح اليوم، كانت هنالك في كل مرة ضرورة تتطلب اللجوء لمثل هذا الإجراء الدستوري، فمثلا في تعديل 2002 الخاص بإدخال اللغة الأمازيغية كلغة رسمية، نجد أن هذا التعديل كان ضروريا لاستكمال أركان الهوية الوطنية، فإذا كان دستور 96 ينص على أن للهوية الوطنية أبعادا ثلاثة، وهي البعد الأمازيغي والعربي والإسلامي، نجد في المقابل، أن الدستور لا يعكس ذلك، ما يعني أن هنالك ضرورة لتدارك ذلك عن طريق التعديل، ليقر بهذا المتغير دستوريا، إلى جانب مجموعة من تعديلات أخرى جاءت بأمور جديدة، على غرار استحداث منصب الوزير الأول الذي حددت صلاحياته بالتعديل، وكذا التعديل الخاص بإعطاء الاعتبار لرموز وطنية تتمثل في النشيد الوطني والعلم، والتعديل أيضا الذي جاءت به المادة 31 مكرر فيما يخص تمثيل المرأة بالمجالس المنتخبة، ومن هنا أقول إن التعديلات كانت ضرورية وتتجاوب والطموحات السياسية والاجتماعية التي عرفتها الجزائر.

برأيك ألا تؤثر كثرة التعديلات على استقرار هذه الوثيقة الدستورية؟
أظن بصفتي عضوا سابقا بالمجلس الدستوري، أنه على الرغم من دستورية كل التعديلات التي عرفتها الدساتير السابقة، إلا أنها في الحقيقة تعكس عدم استقرار هذه الوثيقة الدستورية، وهو شيء سلبي برأيي، لذا فإن المطلوب من المؤسسة الدستورية، أن تتدارك هذه المسألة في التعديل المزمع القيام به في القريب العاجل، وذلك من خلال وضع ضوابط وشروط ينبغي اتباعها لتعديل الدستور لضمان استقراره، وحتى لا يظل عرضة لتعديلات متتالية.

تحدثت عن وضع ضوابط تحمي الدستور من التعديل المتكرر، ألم تكن موجودة من قبل؟
أعتقد أن المرونة التي كانت عليها الدساتير السابقة، هي التي جعلتها عرضة للتعديل المستمر، لذا حبذا لو أن التعديل المرتقب يأخذ بعين الاعتبار هذه المسألة لضمان استقرار الوثيقة الدستورية.

هل تعتقد أن الدساتير السابقة كرست حقوق وحريات الأفراد؟
لا مجال مطلقا للحديث عن الحقوق والحريات بالدساتير السابقة، لأن كل الدساتير التي عرفتها الجزائر بدءا بدستور 63 ، مرورا بدستور 76 ودستور 89 و 96، كلها كرست الحقوق والحريات الأساسية للمواطن الجزائري، غير أن هذا لا يعني أنها حقوق ثابتة، لأن المجتمع اليوم يعرف العديد من المتغيرات التي تستوجب التعديل، كما أن هناك نهجا اجتماعيا سياسيا جديدا نعيشه اليوم، يستدعي إدراج بعض الحقوق والحريات الجديدة، فلا يخفى عليكم أن الدساتير الثلاثة الأولى صيغت في ظل النهج الاشتراكي، حيث استجابت لنوع معين من الحقوق والحريات، ومع دستور 96 دخل المجتمع مرحلة جديدة أقرّها المشروع الاجتماعي الجديد القائم على الحرية التجارية وحرية المبادرة الاقتصادية، وكلها عوامل تستوجب وجود دستور يضمن مجال واسع للحريات الأساسية، لأننا إلى جانب الليبرالية الاقتصادية، نحن أمام الليبرالية السياسية هذه الأخيرة، ننتظر من التعديل المرتقب أن يكرسها ويعمقها بشكل أفضل.

ما الذي تنتظره كعضو سابق بالمجلس الدستوري من التعديل المرتقب ؟
لابد من التأكيد على شيء مهم في هذا السياق، مفاده أن النقاشات التي تجري اليوم حول تعديل الدستور لحد الآن تتم دون معرفة ما يتضمنه المشروع التمهيدي المطروح للمناقشة على مستوى الصياغة، ولذلك أعتقد أن إبداء أي رأي في الموضوع يكون عبارة عن كلام عام، خاصة عندما نفهم من البيان الصادر عن الوزير الأول، أن اللجنة التقنية التي تصيغ المشروع التمهيدي للدستور مهمتها لا تتجاوز الصياغة التقنية والفنية للمشروع ، وأن هذا سيطرح للنقاش ليعرض بعدها على غرفتي البرلمان، أو يطرح للاستفتاء.
وعلى العموم، وطبقا للمتغيرات السياسية الموجودة وللمعاهدات الدولية السائدة اليوم، والآفاق المنتظرة غدا، وطبقا لمتغيرات البيئة التي ننتمي إليها، نرتقب من المؤسس الدستوري أن يتجه نحو تعميم التوازن ما بين السلطات، أي إقرار مبدأ الفصل ما بين السلطات الذي يعتبر مبدأ دستوريا قديما ظهر حتى قبل أن توجد الدساتير، وبالتحديد وجد بالفكر البشري لدى أفلاطون في كتابه القوانين.

يربط البعض تعديل الدستور بالعهد الرئاسية، ما رأيك؟
ما ينبغي التأكيد عليه، هو أنّ الدستور الراهن لا يمنع مطلقا رئيس الجمهورية من الترشح مجددا لعهدة رابعة هذا من ناحية، ومن جهة أخرى، لا يمكن أيضا أن يوضع بمشروع الدستور المقبل، ما يمنع الرئيس من الترشح هذا على الصعيد القانوني، ولكن على الصعيد السياسي، هنالك مفهوم آخر، إذ تطرح مسألة تداول الأفراد على السلطة، ومن ثمة أعتقد أن الإشكال سياسي أكثر مما هو قانوني.
وعليه، التعديل الحالي لا يستهدف الرئيس بحرمانه أو الدفع به إلى الترشح، ولكن في المقابل لما نقرأ مسار الدساتير في الجزائر، نجد أن كل دستور من الدساتير الأربعة كانت مرتبطة بشخص الرئيس.
وعليه، فإن للرئيس بوتفليقة الحق في أن يكون له دستوره، لا سيما وأنه صرح في العديد من المرات بوجوب أن يخضع الدستور إلى تعديلات عميقة، تُتوج الإصلاحات التي شرع فيها، بعد أن أعرب عن عدم رضاه بدستور 1996.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)