الجزائر - A la une



الوقاحة الفرنسية                                    :
عندما يسلك المرء ما سلكه جيرار لونغي، النائب الفرنسي عن حزب الرئيس السابق ساركوزي ووزير دفاع حكومته، فمعنى ذلك ببساطة أنه وقح، قليل الأدب، لأنه فعل ما فعل أمام كاميرات قناة من المفروض أنها محترمة في بلاده وخارجها. وقد تمسّك بفعلته الوقحة، موضّحا فقط أنه لم يكن على علم أن الكاميرات مازالت تصوّر.
وقال بصريح العبارة إنه قام بتلك الإشارة اليدوية الوقحة عندما سأله الصحفيون عن موقفه من تصريح وزير المجاهدين في الجزائر، بخصوص ضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها خلال الفترة الاستعمارية.
لا شك أن هذا النائب، الذي تقلّد مناصب وزارية ثلاث مرات، آخرها الدفاع، يقاسمه كثير من مواطنيه شعوره وقناعاته بخصوص ما قام به أسلافهم في الجزائر وغير الجزائر، لأن جرائم الاستعمار الفرنسي غير محصورة في بلادنا وحدها، وإن كانت أكثرها بشاعة ولا إنسانية. ولم يتردّد الذين يقاسمون ذلك الوزير قناعاته، في التعبير عن ''فخرهم'' بماضيهم غير المشرّف، عندما ''نشر'' رئيس الفرنسيين في 17 أكتوبر الماضي، ''40 كلمة محتشمة'' حول مجزرة نهر السين في باريس سنة .1961 وأصرّوا على التمسّك ببشاعة ما قام به أسلافهم في الجزائر، وتبنّوه كما يتبناه جيرار لونغي، الذي خانه التعبير وسقط إلى مستوى المشاغبين والأنذال في مدرجات ملاعب كرة القدم، لأن ذلك، ربما، هو مستواه.
هكذا، بعد أن فرض وزير فرنسي سابق، ويساري في حكومة اليمين، ''حجب'' وزير المجاهدين الجزائري عن وفد مستقبليه في مطار بلادنا، وكان له ذلك، يخرج اليوم وزير فرنسي سابق، يميني كان متطرّفا، ليهين الذي هو من المفروض رمز حي للجزائريين، ووزير مجاهديهم.
في الحقيقة، لا يقدّم ما قام به ذلك النائب الفرنسي أمام كاميرات القناة البرلمانية، ولا يؤخّر شيئا. ففرنسا طرِدت من الجزائر، بفضل مليون ونصف مليون روح طاهرة، بعد سبع سنوات ونصف السنة من حرب غير متكافئة. هذا أمر واقع منذ 50 سنة كاملة، ومن الطبيعي أن يصعب على أمثال النائب الفرنسي ''الوقح'' أن يتجرعّوا هزيمة أسلافهم.
لكن يرفض كثير من الجزائريين والجزائريات أن يتخاذل الذين يسيّرون بلادهم ويتحاورون باسمهم مع الأجانب ومنهم الفرنسيين، أمام مثل هذه السلوكات، مثلما تخاذلوا مع ذلك الوزير الفرنسي الذي أسّس حق ممارسة القتل العصري، عندما أهان وزير المجاهدين.
وفي كل الحالات، من المفروض أن نعترف، على الأقل، لذلك النائب الفرنسي ''الوقح'' بأنه ليس منافقا مع قناعاته، وعبّر، بوضوح، عن موقفه. ربما لأنه يعرف أن ''الجزائريين''، الذين تحاورت معهم حكومات بلاده، لا يؤثّر فيهم مثل ذلك السلوك الذي أقدم عليه.

[email protected]
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)