الجزائر - A la une

مئات الجزائريين ضحايا مافيا العقار بإسبانيا



مئات الجزائريين ضحايا مافيا العقار بإسبانيا
تحقيق/ مبعوثة "البلاد إلى مدريد: فاطمة حمديلم يكن البحث في موضوع "الحراڤة" الجزائريين في إسبانيا بالأمر الهيّن، خاصة وأنهم قلائل مقارنة بفرنسا، وأن الحديث عن "الحراڤ" بمثابة ال"الطابو" الذي يجب التحايل ألف مرة للخوض فيه مع المهاجرين غير الشرعيين الذين يرفضون تلقيبهم بهذا الاسم الذي كان قد استعمله رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قبل سنوات ليصبح مصطلحا متداولا في الإعلام حتى الرسمي منه.ولعل الهجرة بشكل عام، الشرعية منها وغير الشرعية أخذت منحى جديدا مع التداعيات الأمنية والسياسية وحتى الاقتصادية التي تعيشها أوروبا والعالم، بات من الضروري اقتحام "المحظور" في حياة جزائريين عاقبوا أنفسهم بالهجرة هربا من تدني المعيشة في الجزائر.هكذا راح 800 جزائري ضحية حلمه في كسب عقار بأوروبا..يعتمد المواطن الإسباني في حياته على القروض البنكية بعيدة المدى للتسهيلات الكبيرة التي تمنحها البنوك له، حيث إنه غير مطالب بأكثر من نصف أجرته الشهرية لتسديد قرضه، ومن هنا يستطيع اقتناء منزل عن طريق القرض، شريطة أن يكون للبنك الحق في الحجر على المنزل في حال توقف عمله أو تسديد الدفع. وبعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت إسبانيا في الصميم اضطرت العديد من الشركات إلى إعلان إفلاسها وتسريح موظفيها الذين يعتبر معظمهم من أصحاب القروض لاقتناء المنازل، وعليه لاحت ظاهرة العقار الرخيص في إسبانيا، حتى وصل ببعض الجزائريين وصف المنازل في إسبانيا بأنها أرخص من الجزائر، وذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك حينما اقتنى أزيد من 1200 بيت في إسبانيا بسعر قد لا يتجاوز 40 ألف دولار، وهو المبلغ الحلم بالنسبة للبعض الذي يعتبره رمزيا مقابل منزل في أوروبا.. ولكن هل فعلا نجح هؤلاء الجزائريون في هذه الصفقات؟..الأرقام التي تلقتها السفارة الجزائرية في إسبانيا تؤكد الإجابة بالنفي، وأن 90 بالمائة من الحالات التي اشترت هذه البيوت تعرضت للنصب والاحتيال، فبعدما وجد الإسباني نفسه أمام مأزق الحجر خلال مدة محددة عرض بيته للبيع، الأمر الذي راح ضحيته الكثيرون، من بينهم جزائريون، وجدوا أنفسهم مطالبين بعد مدة من سكنهم بالخروج وإخلاء المنزل أو دفع باقي الأقساط دفعة واحدة، أو حتى مواصلة دفع الأقساط شهريا، أي حوالي 8 ملايين سنتيم على أقل تقدير شهريا، إضافة إلى 40 ألف دولار التي يكون قد دفعها سابقا دون التحقق من تفاصيل العقار الذي اقتناه أو خلفياته القانونية.آلاف "الحراڤة" يستنجدون بالسفارة في مدريد للرجوع إلى الجزائرأكدت مصادر مطلعة من السفارة الجزائرية بمدريد، أنه بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت إسبانيا على غرار دول العالم، تلقت السفارة آلاف طلبات الرجوع طوعا من قبل "حراقة"، اختاروا العودة إلى الوطن بدل البقاء في العراء دون عمل في إسبانيا، وأشار المصدر ذاته إلى أن هؤلاء الشباب لم يجدوا حلا لبقائهم على قيد الحياة هناك أو العيش الكريم أو حتى أدنى شروط الحياة، فقرّروا العودة بعدما اتخذوا قوارب الموت للوصول إلى هناك، مما استدعى من السفارة اتخاذ التدابير اللازمة لنقلهم إلى الجزائر من خلال أأمن الطرق وأكثرها حفاظا على كرامتهم، لعدم تعرضهم للسجن هناك.هذه أجرة الجزائري الأكثر حظا في بلد الفلامينكو وهذه المهنة الأكثر شيوعا لهيعيش الجزائري "الحراڤ" أو حتى ذلك الذي سوّى وضعيته في إسبانيا بشكل عام في وضع المترقب لما يدور حوله، يمضي الأيام والليالي بحثا عن العمل إثباتا للذات وتحصيلا ل"الثروة" التي ما استطاع جمعها في بلاده.العثور على عمل في بلدان الاتحاد الأوروبي بشكل خاص وخارج بلدك بشكل عام ليس بالأمر السهل كما يتوقعه الكثيرون، بل هو التحدي الأكبر الذي قد يواجهك في حياتك فيمر على "الحراق" الأشهر إن لم نقل السنوات حتى يحصل على عمل كمنظف أوان في مطعم أو كنادل وعلى الأغلب تستعمل النساء لهذه المهنة أو حتى في الأراضي الزراعية لجني الثمار، وتتراوح أجرة هذه الأعمال ما بين 300 و500 أورو كأقصى حد، مع العلم أن العامل مجبر على عدم ترك عمله لدقيقة واحدة، وأن الثانية بحقها هناك، ولكن هل يمكن أن نتعامل مع هذه الأجرة على أساس أنها ستصرف في الجزائر أو أن العامل الجزائري بإسبانيا سيصرفها هناك؟عمليا تعتبر القيمة الدنيا التي من الممكن أن ينفقها القاطن بإسبانيا حوالي 400 أورو عدا إيجار البيت، بمعنى هذا في حال أن مكان إقامته متوفر وهذا الأمر بات صعبا إن لم نقل مستحيلا في ظل الأزمة الاقتصادية التي قيدت العالم خاصة الدول الأوروبية التي ضربت في الصميم، وبالتالي يجد "الحراڤ" الجزائري نفسه إن كان من المحظوظين ووجد عملا هناك لا يقوى على جمع مبلغ محترم كما تخيل دائما بل بالعكس يعيش على لقمة العيش، أو أقل من ذلك إن كان آثر أهله في الجزائر على نفسه.جزائريون قضوا سنوات في التعلم ببلادهم للعمل ك"حمالين" في إسبانياتروي لنا واحدة من الإطارات الجزائرية في مدريد، السيدة سامية ينون، عن قصص لقاءاتها بشبان جزائريين، كبروا على حلم الهجرة إلى أوروبا وكيف أن هذا الحلم تحول إلى هاجس، وأن النجاح في الجزائر لم يعد يعني لهؤلاء شيئا أمام ما رسموه نصب أعينهم "العيش في القارة العجوز" "ولو على حساب أهلي ومستقبلي وشبابي.. المهم أن أصل إلى هناك".شباب جزائري أفنى عمره في الدراسة، طاقات شبانية هائلة، من بينهم إسلام ذو ال25 ربيعا الذي أنهى دراسته في جامعة باب الزوار بعدما نال درجة التفوق منها، لم يرهق نفسه بالبحث ولم يعط نفسه فرصة إيجاد ما يليق به في الجزائر أكثر من خمسة أشهر ليأخذ القارب بعدما تواصل مع مهربين مغاربة ويخرج من الجزائر لتحقيق "الحلم".تقول السيدة سامية إنها تشعر بالأسى حينما ترى شابا جزائريا مثقفا في مقتبل العمر وهو يعمل في إسبانيا حمالا، طيلة ثماني ساعات دون أن يتوقف دقيقة واحدة، تقول "أخاف عليه وكم هم أمثاله كثر هنا في إسبانيا.. ولكن للأسف هم مغرر بهم". لا يتوفر للعربي بشكل عام المهاجر إلى إسبانيا مهنة أكثر مرتبة من مهنة الحمّال الذي يرفع صناديق الثمار التي يجنيها الإسبان أو المهاجرون من أمريكا اللاتينية الذين يملكون الأولوية في بلاد الفلامينكو في العمل.أستاذ موسيقى ترك سكنه الوظيفي وعمله بالثانوية ليعمل "بستانيا" في إسبانياإنها واحدة من القصص التي يجب الوقوف عندها والتأمل في تفاصيلها، شاب جزائري في ال29 ربيعا، مدرس موسيقى من مدينة قصر البخاري (المدية)، بوظيفته القارة وبسكنه الوظيفي، يحمل حقائبه بعد حصوله على "الفيزا" ويرحل إلى إسبانيا متجاوزا تاريخ التأشيرة ليصبح مهاجرا غير شرعي..أكثر من 10 سنوات هجرة في إسبانيا لم يحقق فيها أكثر من الزواج من مسنة تفوقه ب25 سنة لم يستطع خلالها تكوين الأسرة التي حلم بها حسب حد اعترافه كما لم يحقق ولو 10 بالمائة من الطموحات التي حملها معه حينما غامر بوظيفته القارة في الجزائر وبسكنه الوظيفي وبكل ما يملك لكي يعيش في الضفة الأخرى، ليجد نفسه اليوم بستانيا يتنقل من مالك أرض إلى آخر عله يحصل على قوت يومه.يقول "لن أعترف لأهلي ولا لأصدقائي بالجزائر ممن استقروا بعملهم وكونوا أسرا بالجزائر، أنني اتخذت أغبى قرار قد يتخذه إنسان في حياته"..شبان وهرانيون يحققون حلمَ جزائريين وفلسطينيين في دخول مباراة الكلاسيكوالفرجة في الكلاسيكو لا حدود لها في العاصمة الإسبانية مدريد، يتواجد أحد أكبر وأفخم الملاعب في العالم والذي يحتضن أهم المباريات على غرار الكلاسيكو، الذي يعتبر حدثا كرويا دوليا لا يعنى فقط الإسبان وحدهم، وإنما العالم كله..تنقلت "البلاد" إلى ملعب "سانتياغو بيرنابيو" لنقل أجواء المباراة التي جمعت العملاقين ريال مدريد وبرشلونة في الحدث الذي خابت فيه آمال عشاق كريستيانو الذين تفاعلوا بالصمت وبرفع الرايات البيضاء.. تعبيرا عن غضبهم من الهزيمة النكراء 40.لفت انتباهنا خلال جولتنا قبل انطلاق المباراة شباب يرفعون العلمين الجزائري والفلسطيني، اقتربنا منهم ليكشف لنا أحدهم أنه جاء من مدينة وهران لمناصرة الريال رفقة صديقه، أما البقية فكانوا جزائريا وفلسطينيين اثنين، حيث أكد الأخيران أن الشابين من مدينة وهران أصرا على اقتناء تذاكر المباراة بعدما علما أنهما لا يملكان المبلغ الكافي، قسعر التذكرة الأرخص تجاوز 480 أورو. وقال الشباب من مدينة وهران إنه "لا تحلو المباراة وابن بلدي خارجها ولا تحلو وابن فلسطين يقف على الباب وغير قادر على الدخول.. أموال الدنيا لا تفي سعادتي بإسعاد أبناء بلدي وقضيتي".. كلمات قالها شبان وهرانيون أصروا على عدم خوض التجربة وحدهم دون أبناء بلدهم الحاضرين في إسبانيا أو أولئك الفلسطينيون الذين حلموا بدخول "سانتياغو" ولم تسعهم الظروف.مهاجرون يضطرون للنزول إلى الجزائر شهريا من أجل "البطاطا والزيت"!بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت البنية التحتية لإسبانيا، وبعد اضطرار عديد الشركات هنا إلى إعلان إفلاسها وتسريح عمالها، تم تسريح العشرات من الجزائريين المقيمين في إسبانيا بطريقة شرعية ومنذ عقود.إحالة العامل على البطالة تتطلب من الحكومة الإسبانية تقديم منحة شهرية له في حدود 350 أورو، وبحكم غلاء المعيشة أصبح العديد من الجزائريين ممن أحيلوا على البطالة ينزلون إلى الجزائر شهريا عبر الباخرة التي تكلفهم حوالي 13 ألف دينار لاقتناء "مصروف الشهر" الأمر الذي استغربناه، حينما سمعناه على لسان فرحات معلم، أحد المهاجرين الذين أكدوا لنا ترددهم شهريا تقريبا على الجزائر..وعمليا، فإن سعر قارورة الماء في إسبانيا 1 أورو وبهذا السعر يمكنك اقتناء ست قارورات ماء كبيرة في الجزائر، كما أن حبة واحدة من الموز يساوي سعرها حوالي 1 أورو في إسبانيا في حين أن 1 أورو في الجزائر يمكنها اقتناء كلغ من الموز الطازج، إضافة إلى أن سعر القارورة الصغيرة للمشروبات الغازية 2 أورو، هذا المبلغ الذي يقابله حوالي 340 دينار يمكنك من اقتناء خمس قارورات من الكوكا كولا.. كما أن سعر الكيلو الواحد للبطاطا 2 أورو، أي ما يمكّنك من اقتناء 7 كلغ من البطاطا في الجزائر وغيرها من الفروق في العملة وفي الأسعار التي جعلت الجزائري المهاجر يضطر شهريا أو كل شهرين للمجيء إلى الجزائر واقتناء ما يحتاجه وإلا فلن يستطيع إعانة أسرته بذلك الدخل الشهري المتدني في ظل استحالة حصوله على وظيفة في إسبانيا، خاصة إن إسبانيا لا تملك ما يعرف ب"دعم" الأسعار أو المواد كما تتبعها الجزائر.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)