الجزائر - A la une

"بيبي سيتر" مهنة تقتحم بيوت الجزائريين وسط فراغ قانوني





بدأ تأطير مهنة ”بيبي سيتر” أو ”جليسة الأطفال” بشكل رسمي مع بروز مدارس خاصة في هذا التكوين بمنح شهادة كفاءة تؤهل حاملتها أو حاملها على رعاية الأطفال بدور الحضانة. ويغيب في ذات الوقت مكتب توظيف جليسة الأطفال بالجزائر. ولا تغلق هذه المهنة أبوابها أثناء العطلة الصيفية من قبل العائلات الغنية التي توظف مربيات لأطفالهن بعد اختيارهن بعناية، ليشوب المهنة غموض لعدم تأطيرها قانونيا.ظاهرة رعاية الأطفال مقابل مبلغ مالي ليست حديثة العهد بالمدن الكبرى، لكنها أخذت منعرجا آخر في الآونة الأخيرة بتوفير تكوين خاص يمنح شهادة كفاءة ”مربية” بالجزائر العاصمة على سبيل المثال لا الحصر، وهذا بمعاهد التكوين الخاصة المعتمدة، في حين يبقى هذا التخصص نادرا بمعاهد التكوين المهني مقارنة بما يستدعيه سوق العمل. لكن الظفر بمكان شغل ليس بالأمر الهين ل”مربية الأطفال” باعتبار أن أغلبيتهن يعملن بدور الحضانة الخاصة كمرافقات للطفل من جانب لعبه وأكله وتنظيفه، ويغيب في كثير منها الدور التربوي الثقافي الذي تأهلت من أجله المربية، كما تتحمل رعاية عدد أطفال أكثر من الذي تقرر بيداغوجيا. وقد اختارت بعض الفتيات ولوج عالم بيوت الأغنياء، وتفتح لأنفسهن فرصة توظيف تفطنت لها الدول الغربية، لكنها تبقى كسيحة عندنا بعرض السيرة الذاتية على عدد من عائلات رجال الدولة والإطارات في الشركات الأجنبية لتوظيفهن ”مربية” لأطفالهن. كما تلقى المدارس التي تخصص دروسا في المهنة اتصالات من قبل هذه العائلات بهدف اقتراح عدد من الخريجات المتميزات، حسب ما أفادتنا به مديرة مدرسة معتمدة. وإن كانت ”المربيات” بدور الحضانة لا يعرف عنهن الأولياء سوى شكلهن الخارجي وأسمائهن، فإن بعض العائلات تحرص على ضبط شروط الاختيار بمعرفة كل المعلومات الخاصة بجليسة أطفالهم، والتي تتمثل في الاسم واللقب، صورة كاملة لها، علاوة ألا تكون قاصرا، الخبرة في التعامل مع الطفل من الناحية النفسية، عنوان منزلها مع رقم هاتفه، رقم هاتفها الشخصي، معرفة طبيعة إقامتها، وغيرها من المعلومات التي تتعرف عليها العائلة عند مجيء المربية إلى البيت تحديدا، بطرح عدد من الأسئلة عليها، حسب ما أشارت إليه ذات المسؤولة. فريال، 27 سنة، جليسة أطفال إطار بالدولة، رفضت الكشف عن طريقة توظيفها، قائلة ”لم أتخيل يوما أن أدخل منزل عائلة كهذه، فبعد تخرجي من قسم اللغة الانجليزية كان طموحي أن أدرّسها أو أعمل في مؤسسة أجنبية، ففكرت في تكوين لمدة وجيزة، واختيار مربية كان عشوائيا لم أخطط له سلفا”، تضيف فريال في حديثها:”درست ثلاثة أشهر بمدرسة خاصة معتمدة وتحصلت على شهادة نجاح بتقدير ممتاز، بعد اجتياز امتحان كتابي حول الجانب النفسي للطفل، لتتخلل التكوين أشغال يدوية مقررة من قبل المعلمة المختصة في علم النفس، تتضمن أهم تقنيات صنع الأشكال وتشكيل الرسومات والألوان، حسب عمر الطفل”، لتروي مقتطفات من يوميات عملها الذي تؤكد أنه كأي وظيفة أخرى، مضيفة أنها تكون رفقة الأطفال بعد وجبة فطورهم، تلقنهم أصول الرسم وتعلمهم صناعة الأشغال اليدوية، وكذا الأغاني بمختلف اللغات وغيرها من الأمور.من جهتها، أكدت فتحية صياد، محامية لدى المجلس ”أن نسبة النساء العاملات المتزايدة فرضت على كثير منهن أخذ أطفالهن إلى دور الحضانة، لكن إحضار مربية للبيت لتبقى رفقة الطفل بمفردهما، فمازال يافعا، والسبب يرجع - حسب الأخصائية - إلى عامل الثقة الذي يعتبر أول ما يعتمد عليه في مثل هذه المهن، ناهيك عن تهديدات الزوج في حالة تعرض الطفل للخطر، بغض النظر عن الفراغ القانوني الذي لم يعط بعد مساحة في سجله لمهنة لم تؤطر بمكتب خاص بها، فغياب مكتب توظيف جليسة الأطفال يعني أن العائلة الموظفة للمربية لا تملك ملفا خاصا بها إلا إذا أجبرتها على تقديمه، كما أن المربية لا تملك ضمانا اجتماعيا ولا تظفر بمنحة التقاعد باستثناء راتب شهري زهيد لا يغطي أبسط ضرورياتها. وتضيف المحامية في سياق حديثها ”أن الظروف الحالية التي تقوم عليها مهنة المربية قد تعرض صاحبتها للخطر إذا اقتحمت بيت العائلة الموظفة لها، ففي حالة التحرش الجنسي بها ستجد نفسها في مأزق بسبب غياب قانون خاص بها، والأخطر أن يكون للمتهم نفوذ يستغله في مثل هذه الظروف، لكن يبقى القانون منصفا ويطبق على المتهم في حالة وجود دليل على التهمة الموجهة له مواد قانون العقوبات الذي يطبق على مهن استقرت بمجتمعنا، لكن احتواءها قانونيا غائب في الوقت الراهن”.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)