الجزائر - A la une

الخبز أول ضحايا التبذير… واللهفة تصنع الحدث


الخبز أول ضحايا التبذير… واللهفة تصنع الحدث
يرتبط شهر رمضان في الجزائر وللأسف ب"التبذير والإسراف اللاعقلاني"، وهذا بالنظر إلى تزايد إنفاق الجزائريين بشكل لافت في شهر رمضان الكريم، بسبب ارتفاع معدلات استهلاك مختلف المواد الغذائية مقارنة بمدخولهم الشهري.رغم أن شهر رمضان المبارك يُعد فرصة كبيرة للتوبة والتراحم وإظهار القيم السامية بين أفراد المجتمع، إلا أن بعض الجزائريين لا يرون في هذا الشهر الكريم سوى أشهى أصناف الأطباق والحلويات على مائدة الإفطار، وتكشف إحصائيات أن الجزائريين يرمون ما لا يقلّ عن 50 مليون خبزة يوميا في المزابل، وحسب مؤسسة ناتكوم" المختصة في جمع النفايات المنزلية بمختلف أحياء العاصمة فان المؤسسة سجلت ارتفاعا قياسيا في حجم القمامة المنزلية خلال العشر الأوائل من الشهر الكريم خاصة بقايا الأطعمة.…"اللهفة" أولى أسباب التبذيربالرغم من إرشادات جمعية حماية المستهلك، بالتنسيق مع الفيدرالية الوطنية للمستهلكين عبر كامل ولايات الوطن وحملاتها التحسيسية المتعلقة بضرورة الابتعاد عن مظاهر التبذير ووجوب التقليل من كميات المواد الغذائية التي يتم اقتناؤها يوميا من الأسواق والمحلات التجارية ومن ثم رميها، وتحذيرات شيوخ وأئمة مساجد من عواقب التبذير التي تمس بالأخص مادة الخبز وغيرها من المواد الغذائية الضرورية في شهر رمضان واعتبار المبذرين إخوان الشياطين، خاصة أن هذه التصرفات لا تمت بصلة لشهر الرحمة ومعانيه السامية، إلا أن الأرقام المقدمة من وزارة التجارة تؤكد على أن الجزائريين يلقون في المزابل ما قيمته 12 مليون سنتيم أو أكثر، نتيجة "اللهفة" وراء اقتناء كميات من الخبز من مختلف الأنواع، يكون مصيرها "المزابل" مباشرة بعد الإفطار، وهذا ما أشار إليه وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى في وقت سابق خلال حديثه عن ظاهرة التبذير، حيث أكّد أن أكثر المواد عرضة ل"الرمي" خلال شهر رمضان هو مادة الخبز، مشيرا إلى خطورة الظاهرة وأبعادها السلبية على الاقتصاد الوطني والخزينة العمومية، حيث أوضح أن "المادة الأولية لصناعة الخبز تكلف خزينة الدولة فاتورة بالعملة الصعبة التي تجنيها من عائدات البترول"."الحياة العربية" وفي تطرقها لهذه الظاهرة التي استدعت وقفة للبحث عن أسباب هذا الاستهلاك اللاعقلاني، اقتربت من أحد عمال "نات كوم" الذي أكد تفاجأه هو وزملائه من عمال المؤسسة منذ اليوم الأول بأكياس بلاستيكية مملوءة بأطباق طعام كاملة وعلب للحلوى صالحة للاستهلاك، قائلا " ذهلنا مما رأيناه من مظاهر التبذير التي تتفاقم في الشهر الفضيل بكثرة، حيث كانت جل المزابل وأكوام القمامة تحوي العديد من الأطعمة التي يتم رميها، بسبب الإسراف في إعداد الطعام الذي يفوق استهلاك العائلات، هذه الأخيرة التي باتت ترمي أكياس الخبز الذي يعد أكثر المواد إسرافا، وهو الوضع ذاته بمعظم أحياء بلديات الجزائر الوسطى، والأكيد أن هذه الظاهرة تمس جميع ولايات الوطن"– حسبه-، مؤكدا أن كمية الفضلات مرشحة للارتفاع خلال الأيام المتبقية من رمضان، بسبب انتعاش الأسواق وازدياد حركة الزبائن، إذ تلقى القمامة في أي وقت ودون احترام الأوقات المخصصة لذلك، ما خلق وضعا كارثيا بالنسبة لعمال النظافة وصعوبة التعامل مع النفايات، خاصة في السهرات الليلية، أين يكون ركن السيارات مسموحا في شوارع العاصمة، داعيا المختصين والجمعيات والهيئات المختلفة والمساجد وغيرها إلى ضرورة التدخل والقيام بحملات تحسيسية وتوعوية لترشيد الاستهلاك ومحاربة التبذير بجميع أشكاله ومظاهره الذي له عواقب وخيمة، خاصة وأن نصوص الكتاب والسنة حرمت التبذير طيلة أيام السنة وليس في شهر رمضان فقط.… مواطنون نقطة ضعفهم في رمضان .. الخبزوخلال جولتنا في شوارع الجزائر الوسطى، لاحظنا أن الخبز أولى ضحايا التبذير، ولم تشفع التربية الدينية والإسلامية التي تنهي عن التبذير والفساد مصداقا لقوله تعالى "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين" في الحد من رمي الخبز الذي نراه يوميا في المزابل.وفي هذا الصدد أشار السيد مسعود، وهو موظف في هيئة عمومية بالعاصمة أن نقطة ضعفه الوحيدة خلال شهر رمضان هي الخبز دون منازع فقبل عودته إلى المنزل يمر عبر ما لا يقل عن ست مخابز في " لا رو طونجين " من أجل اقتناء ما تشتهيه نفسه من هذه المادة.ويرى المتحدث أن المائدة "لا تكون مائدة رمضان إن غاب عنها "المطلوع" أو" خبز الزيتون" و" خبز السيقار " الذي لا غنى له عنه طوال شهر رمضان، معترفا بأن "أكثر من نصف الكمية التي يشتريها يوميا لا تؤكل"، أما السيدة يمينة وهي ربة بيت وأم ل 5 أطفال فتقول أنه مع الكبر في السن " 67 سنة" وحالتها الصحية أصبح يتعذر عليها عجن المطلوع، ولهذا يتم اللجوء إلى المخابز التي تصنع كل أنواع الخبز التي تدفع الصائم لشراء أضعاف حاجته اليومية والنتيجة تكدس أكوام الخبز مع القمامة، ولهذا تقول المتحدثة "منعت زوجي وأولادي من شراء الخبز، فأنا ربة البيت وأتكفل بذلك وأعلم احتياجات عائلتي، وما بقي من الخبز أحتفظ به في الثلاجة لاستعماله عند الحاجة".وعلى هذا أجمع جل الذين التقيناهم خلال جولتنا الاستطلاعية أنه على الرغم من الحملات التحسيسية والتوعوية الكثيرة التي قامت بها العديد من الهيئات قبيل ومع بداية الشهر الكريم، إلا أن هذه الأخيرة لم تكن ناجعة فهي على الأغلب تحتاج إلى تجنيد كافة الأطراف خاصة وسائل الإعلام بكل أنواعها، وعلى الهيئات العمومية ككل غرس الثقافة الاستهلاكية في المجتمع الجزائري.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)