الجزائر - A la une

واجب حماية القوة المعنوية


واجب حماية القوة المعنوية
يطغى على المشهد الإعلامي والمواقف الحزبية خطاب شبيه لما يعرف بجلد الذات لما فيه من بذور للإحباط والمغالطات وتسويق لسلوكات غير سليمة تطبعها ميول إلى العنف، في وقت تنكفئ فيه المجتمعات على نفسها من أجل تعزيز جبهتها الداخلية ورص صفوف مواطنيها في مواجهة تحرشات متعددة الأشكال أو ضغوطات تصدر عن خصوم أو قوى ذات نزعة هيمنة في ظل نظام عالمي فقد كافة الضوابط القانونية والأخلاقية وسقط في ممارسة الابتزاز الجيوسياسي وبالذات الاقتصادي والمالي منه. حقيقة يعد اختلاف الرأي وتعدد الرؤى في المجتمع رحمة ومخرجا للنقاشات التي تهم المجتمع للرفع من نجاعة أدائه في كافة الميادين، مع ضرورة الحرص من كل الأطراف على حماية مكاسب الأمة وتعزيز قدراتها، بما في ذلك التزام- وبإرادة ذاتية تعكس صدق الانتماء- الحذر في التعامل الإعلامي والحزبي مع كل ما يرتبط بانسجام المجتمع والتشبع بروح مسؤولية عالية في تنوير المواطنين دون المساس- بوعي أو عن غير وعي- بتوازن الحالة النفسية للمجتمع وقوة معنوياته أو التشويش على أداء المؤسسات، في وقت يمر فيه العالم بصراع غير معلن للتحكم في مصادر الطاقة والمياه والهيمنة على الأسواق وكذا الكفاءات. في هذا الإطار يصعب مثلا، فهم ما صدر عن أحد نواب الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج حينما أطلق العنان لموجة انتقادات مبهمة وغير دقيقة في ضوء تعطل نقل عدد من المسافرين القادمين من مرسيليا بفرنسا إلى الوطن الأم وبلغ اندفاعه إلى درجة تعكس حالة غير سليمة يطبعها نوع من التهور القول أنه يطلب مساءلة وزير النقل، بدل أن يبادر بالمشاركة بدور إيجابي في حلحلة المشكل ومرافقة مواطنينا العالقين حينذاك دون محاولة النيل من حالتهم النفسية في وقت توفر لهم فيه الدولة أعلى مستويات شروط الاستقبال وتستعد عائلاتهم لاحتضانهم في ظل ما تتميز به بلادنا من استقرار وحركية دؤوبة(رغم تداعيات الوضع الاقتصادي العالمي) في مقاومة ذكية للمؤشرات الإقليمية والدولية الصعبة. وكان الأجدر به وبأمثاله أن ينقل إلى الرأي العام الخارجي وبلغة موضوعية صورة أفضل عن مجتمعنا وبلادنا مع الحرص على معالجة النقائص المحتملة ضمن دواليب الآليات الموجودة بعيدا عن عرضها في الفضاء المفتوح لتستغل من طرف من يتربصون ببلدنا ويترصدون كل شائبة سلبية للمساس بمعنويات المواطنين. وهي المعنويات التي تزداد الحاجة إليها في هذه الظروف التي تعرف فيها مناطق الجوار توترات تلقي بظلالها على المجال الحيوي للجزائر مما يستدعي من كل واحد تسجيل وقفة لتقدير الأمور بين ما يطرح للعلن وما يجب تناوله في الفضاءات الملائمة وفرز الأولويات مع الحرص جيدا على عدم الخلط بين المصلحة الشخصية مهما كانت مشروعة تجارية كانت أو حبا في الظهور والمصلحة الوطنية التي تشكل خطا أحمر لا يجب تجاوزه تحت أي شعار. ويكفي النظر لما يحدث في بلدان عديدة بما فيها العريقة في التعددية حينما يتعلق الأمر بشعوبها ومصلحة دولها حيث يلتقي اليسار واليمين في خندق واحد لتسويق صورة قوية عن مجتمعاتهم حتى لا تفقد أدنى مركز في تصنيف الأمم، وهو التصنيف الذي تتطلع الجزائر لتبوء مراكز محترمة فيه من خلال الرفع من وتيرة التنمية البشرية بما في ذلك الاعتناء بالجالية الوطنية المتواجدة بالخارج والتكفل بها وفقا للمعايير المطلوبة. وفي هذا الإطار تحرص وزارة النقل على اتخاذ الترتيبات التي تسمح بتجسيد قرارات الدولة في هذا المجال من تخفيضات لأسعار النقل ومرافقة وتبسيط لإجراءات العبور في المطارات والموانئ قصد تمكين أكبر عدد ممكن من أفراد جاليتنا من المجيء إلى بلدهم، الذي يستظل بالاستقرار ويبذل شعبه الجهود اللازمة لمواصلة التنمية والنمو، ومن ثمة لا مجال للنيل من قوته النفسية أو ترك الريبة والشك يتسللان إلى صفوفه. بل المطلوب توخي الحيطة في أي تصرف يصدر خاصة عن أشخاص لديهم مركز اجتماعي ووسائل إعلام متعددة تنشط تحت شجرة حرية التعبير، في وقت يجدر فيه- دون التفريط في ما يفرضه الواجب والتزام المهني والأخلاقي- إدراك الرهانات الكبرى وثقل التحديات خاصة عشية استقبال ذكرى عيد استرجاع السيادة الوطنية في الخامس جويلية الذي يذكر بمدى التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الجزائري على تعاقب الأجيال من أجل كسر قيود الاحتلال وبناء الدولة الوطنية التي تواصل أداء الرسالة الموقعة ببيان أول نوفمبر الخالد.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)