عذر أقبح من ذنب

لما نادى القاضي على رقم القضية و أسماء المتهمين الستة تكفل أصحاب البذلة الزرقاء بأعدادهم المضاعفة بإدخالهم تباعا لكن اللون الذي طغى على حدود المنصة القضائية هو الأسود فأصحاب الجبة كانوا كثرا بملفات وعرائض تشي أن القضية على درجة عالية من الأهمية .شرع رئيس الجلسة في سرد الوقائع المؤسفة التي كان مبدؤها خلاف حول قطعة أرض بوهران لا تتعدى مساحتها 100 متر و عوض أن يحل النزاع بين المتخاصمين داخل أروقة المحاكم كما يفعل البشر المتحضرون اتخذ أكبر المتهمين سنا إجراءات الادغال المنصوص عليها في قانون الغاب حيث اتصل ببقية الجناة المشهود لهم بسوء السيرة و بذاءة الأخلاق فماضيهم العدلي حافل بمحطات الاعتداءات وقطع الطرق والسرقات، اتفق معهم على مبلغ 20 مليون مقابل ترويع جاره و إغراقه في خوف و مشاكل لا يمكن انتشاله منها بأي حال من الأحوال و لا يبقى له من خيار سوى الهجرة من ذلك الحي طلبا للأمان، هذا السيناريو لم ينكره و لا واحد من البلطجية الخمسة أما مستأجر جرمهم الذي لم يبقى في رأسه شعرة سوداء واحدة و مع ذلك لم يمنعه الشيب من اقتراف العيب فبقي يؤكد للقاضي مستعملا لأغلظ الأيمان أنه يحفظ كتاب الله كاملا و يتطوع للصلاة بالناس المكتوبات الخمس ومن فرط تكراره لهذه العبارة للهروب من الأدلة الدامغة التي تدينه و اعترافات أفراد العصابة بتورطه قاطعه القاضي بنبرة زاجرة قائلا «ربما أنت فعلا تحفظ القرآن الكريم لكن فعلك يؤكد أن آياته و أحكامه بقيت أسيرة فمك ولسانك».