الجزائر - A la une

قسنطينة والبلبلة العربية؟!



قسنطينة والبلبلة العربية؟!
لم أشأ الدخول في الجدل الذي فتحه منذ أيام الدكتور عثمان سعدي بشأن الهوية، عربية أو أمازيغية، أو أن الأمازيغ أصولهم عربية وغيرها من النقاش العقيم. ولكنني وجدت في موقت إيدير وغيره من المطربين الأمازيغ شيئا من المنطق لما رفضوا المشاركة في احتفالات قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، فقسنطينة قبل أن تكون عربية كان اسمها سيرتا النوميدية، ولكن لأننا ممسوخو الهوية، أقمنا تظاهرتين للثقافة العربية (الجزائر سنة 2007 وقسنطينة سنة 2015) لكننا لم نجرؤ يوما ونقيم تظاهرة للاحتفاء بهويتنا الأمازيغية الضاربة في التاريخ.فقد بينت دراسات حديثة أجريت على عينات من سكان تونس أننا، وهم أيضا، لا نحمل من الجينات العربية سوى نسبة 20٪، وبعض الجينات إفريقية، أم النسبة الأكبر من الجينات فهي أمازيغية أصيلة، وأن الأمازيغ هم فرع من (homo sapiens) الذي استقر في المنطقة مع بداية الحياة الإنسانية على الأرض.قلت لا أريد جدالا في الموضوع، مهما كانت القواسم الثقافية واللغوية التي نتقاسمها مع عرب اليمن، فأمازيغ شمال إفريقيا حقيقة لن تقوى كل تيارات المسخ أن تمحوها، ومهما طغت ألسنة أخرى على لسانهم الامازيغي الأصيل.أعود إلى عاصمة الثقافة العربية، التي يبدو أنها منذ البداية تنبئ بالفشل، وهدر المال العام، فقد صرحت الوزيرة أمس، بأن ميزانية التظاهرة فاقت ال700 مليار سنتيم، وهذا رقم فظيع مقارنة بالحالة المهترئة التي تعانيها المدينة وسكانها، التي لا يبدو عليها أنها ستكون عاصمة للثقافة العربية تضاهي كبريات العواصم العربية، لا لن أجرؤ أن أقارنها بدمشق أو دبي أو أية مدينة أخرى عربية، مع أن قسنطينة التي كانت عاصمة للعلم والعلماء تستحق أن تتحدى الجميع، ليس لأن شهادة ميلادها تحمل 25 قرنا من الوجود فحسب، بل لأنها كانت مصدر إشعاع، وحفاظ على الهوية العربية والأمازيغية والإسلام زمن استدمار الهوية الجزائرية، كما أنها احتضنت وحافظت على جزء كبير من الإرث الأندلسي المهاجر هربا من بطش إيزابيل الكاثوليكية.رقم ضخم تخرجه الحكومة من جيبها وهي التي بشرتنا منذ أسابيع ببدء سياسة تقشف صارمة بعد انهيار أسعار النفط في البورصة العالمية. فكيف نقامر اليوم بهذا المبلغ؟!ثم مَنْ مِنَ العرب سيحضر عاصمة الثقافة العربية، أليسوا منشغلين بحرب اليمن ويعدون لحروب عربية أخرى؟!بلغني منذ أيام أن وزيرة الثقافة البحرينية رفضت استقبال الوفد الذي سافر إلى الخليج لإيصال الدعوة، واضطر الزميل عز الدين ميهوبي إلى العودة أدراجه من الرياض، لأن الوزيرة البحرينية ترفض حضور زردة نادية العبيدي، ربما لأن لها اهتمامات أخرى، أو ربما هي الأخرى مجبولة على عقدة المشرق تجاه المغرب “العربي”، وما زال المشارقة يرفضون انتماءنا إلى عروبتهم.ويبدو أنه ليست الوزيرة البحرينية فقط التي ترفض الحضور، فهناك قائمة قد تطول بسبب الحرب على اليمن والتي اتخذت الجزائر موقفا مشرفا ضدها.الخوف أننا سنجد أنفسنا نحن المعازيم ونحن أصحاب العرس، وتهدر الأموال هباء، ويا ليتها تنفق على مرافق تبقى إضافة للمدينة العريقة ولسكانها الطيبين؟!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)