الجزائر - A la une

العربدة الصهيونية والعدالة الدولية



العربدة الصهيونية والعدالة الدولية
تعتبر مجازر الكيان الصهيوني في حق غزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولي بكل المقاييس ، فحدوث هذه الجريمة في القرن الواحد والعشرين والذي يتبجح فيه زعماء العالم القابعين على أنظمة الحكم في أقوى العواصم بقيم الديمقراطية والعدالة والسلام يطرح تساؤلات عديدة حول ما آل إليه النظام الدولي في مرحلة ما بعد الحداثة. كما يعكس هذا الوضع اتساعا كبيرا للهوة بين الجماهير العالمية من جهة وأنظمتها من جهة أخرى، والتي يبدو أنها أصبحت لا تعبر عن تطلعاتها ولا تستجيب لخياراتها التي تهدف إلى التعايش السلمي بين الشعوب. فالمسيرات التي انطلقت بكل عفوية وتلقائية في مدن وعواصم العالم من شيكاغو إلى الرباط وصنعاء مرورا بلندن وباريس ، ترفع نفس الشعارات وتعبر على نفس المشاعر الإنسانية ، فلو أتيح لها إمكانية السير في جادة واحدة أو التجمع في ساحة واحدة لتعانقت أفكارها وعواطفها بشكل عميق بالرغم من اختلاف لهجاتها وثقافاتها ولكان لسان حالها هو (أوقفوا العدوان على غزة) ولكان علما واحدا يُرفع في مسيراتها هو علم فلسطين الجريحة .ولكن المنظومة العولمية التي تسيطر عليها بشكل قوي المؤسسة (الصهيو- ماسونية) العالمية جعلت من رؤساء الدول القوية عبر العالم (دمى) في أيدي هذه العصابة التلموذية التي أحكمت قبضتها على العالم مما جعلته مشلول الإرادة والتفكير لا يستطيع تحريك ساكن أمام أشلاء الأطفال وأجسادهم المبتورة التي ترامت أعضاؤها في طرقات الشجاعية وتلطخت الجدران بدمائهم الزكية الطاهرة في مشاهد تذهل لها الضمائرالسوية وتحترق لهولها أكباد البشر من مختلف الأجناس.فالقانون الدولي العام الذي جاء ليخرج الشعوب من هول الحروب والصراعات التي بلغت ذروتها في الحرب العالمية الثانية تمكن من وضع قواعد هامة لتجنب تكرار مثل هذه الأزمات ، وتمكنت الدول الغربية من تحقيق تقدم ملحوظ على درب الرقي والاستقرار ولكن مجتمعنا العربي الإسلامي بقي مستثنى من هذه التشريعات ولم يستفد منها بل كان ضحية لها في العديد من المناسبات وخاصة (القضية الفلسطينية) التي ظهرت للوجود بعد توطين اليهود في أرض أولى القبلتين تجسيدا لوعد بلفور المشؤوم سنة 1917 ، والذي شكل أول قفز على مصداقية النظام الدولي الذي أعطى فيه (من لا يملك لمن لا يستحق) الحق في احتلال فلسطين ، ومنذ ذلك الوقت بدأت المجزرة على حساب شعب مسالم يتعايش فيه أتباع الديانات السماوية دون الحاجة لأي نظام دولي يدير العلاقات فيما بينهم . لقد شكلت هذه المسألة أول وأخطر انحراف للعدالة الدولية، وعكست نية مبيته أثبتت أنها عدالة انتقائية لا تصلح لكل الشعوب ولا يمكن توسيعها على كل الحالات ، وهذا يشكل فشلا في التشريع الوضعي وانطلاقة متعثرة،فاستغلتها العصابة الصهيونية وتسللت إلى دواليب القرار فيها وعلى رأسها (منظمة الأمم المتحدة) هذا الهيكل الميت الذي لا نجد توصيفا معبرا عن مدى ضعفة وهوانه كشخصية رئيسه (بان كيمون) والذي يذكرنا ببطل أحدى الرسوم المتحركة الشهيرة المفضلة لدى الأطفال . ولم يقتصر الأمر على هذه المنظمة الفلكلورية وغيرها كالمحكمة الجنائية الدولية التي تبت في قضايا عديدة في حق مرتكبي الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتي لم تحرك ساكنا أمام ما يحدث في غزة حاليا . بل تجاوز الأمر إلى منظمات عديدة تكونت خصيصا للحد من بؤر التوتر عبر العالم بداية بمحكمة (نورينبرغ) التي نصبها اليهود لمحاكمة ضباط الحكم النازي إلى محاكم أخرى تحت إشراف محكمة (لاهاي) التي باشرت التحقيق في جرائم الضباط الصرب في حق الشعب البوسني وجرائم رواندا وغيرها من القضايا التي شكلت إجماعا دوليا منقطع النظير ، أما عندما يتعلق الأمر بالعصابة الصهيونية فالأمر يختلف ، والخيوط تتشابك والخيانات تتقاطع مصالحها وتجتمع أهدافها للرقص على جماجم الفلسطينيين فينطلق (الفيتو) الأمريكي ليمنع أي عبارة أو بيان يخدش مشاعر الدولة المغتصبة للأرض والعرض في فلسطين ، كما يتم الضغط على أصحاب القرار لمنعهم من اللجوء إلى أي مؤسسة قضائية عالمية يمكنها تحقيق الإنصاف والعدل في قضية الشعب الفلسطيني التي لا تحتاج إلى أدلة وشهود وقرائن أو ملابسات لأن العالم بأسره شاهد على الجرائم التي ترتكب في حق الفلسطيني الأعزل وذلك في عصر الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعية التي قربت المسافات بين الأفكار والمشاعر، أو توقيع أي معاهدة كمعاهد (روما) مثلا لتسجيل تظلم أو رفع دعوى قضائية لصالح الشعب الفلسطيني والاعتراف بآلامه باعتباره ينتمي للجماعة الإنسانية ، ومما زاد في تعقيد هذه المساعي إقحام الدم الفلسطيني في متاهات الحسابات السياسوية التي عفنت الموقف العربي وعرقلت كل المساعي الجادة لدعم الملف الفلسطيني أمام المؤسسات القانونية الدولية وتوفير كل الوسائل التي تعمل على نقل معاناة الشارع الفلسطيني حتى يكتسب المظلوم الحق في متابعة الظالم فيتابع عصابة نتنياهو ويعمل على جرهم باسم القانون أمام المحاكم بتهمة جرائم ضد الإنسانية تلطخت بها أياديهم بدماء الأطفال عندما عجزوا عن مواجهة أبطال المقاومة الذين دوخوا قادتهم وحيروا عقولهم وأربكوا مخططاتهم وزرعوا الرعب في قلوبهم . وفي انتظار تحقيق نصر قانوني للقضية الفلسطينية في المؤسسات الدولية ستبقى المتاجرة بها موضع المبادرات المشبوهة التي يتلاعب بها السيسي وأتباعه ، ولكن ما ضاع حق وراءه طالب. (*) جامعة الجلفة


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)