الجزائر - A la une


النار تلتهم غرداية!؟
لم نذهب إلى غرداية، فها هي غرداية تأتي إلينا، حاملة جراحها ودماءها، صارخة أوقفوا المجزرة، أوقفوا الفتنة، واحموا نساءنا وأطفالنا، احموا أرواحنا المهدورة؟!نعم غرداية تحترق، ولست هنا لأحاكم من الجاني ومن المجني عليه، ففي كلتا الحالتين خسارة في الأرواح والأملاك. وفي كل الحالات الجزائريون هم الخاسرون، خسروا سنوات من العيش بسلام، وخسروا جيرانا وأصدقاء ومواطنين يتقاسمون العيش في هذه الجهة الجميلة الساحرة، والتي لم تعد كذلك منذ أن تصاعد دخان الأحقاد في سماء المدينة، ومنذ أن أضمر بعضهم الشر للبعض الآخر.النار إن تواصل لهيبها لن تستثني أحدا، ولن تفرق بين شعانبي وإباضي، كلهم سيكونون حطبها.غرداية تدفن من جديد ضحايا أحقاد تفاهة، أحقاد ما كانت لتكون، لو كانت هناك سلطة ولو توفرت إرادة سياسية، وحكومة مسؤولة لإطفائها، فقد قالها سلال بصريح العبارة من غرداية، إن عند بوتفليقة الحل وهو إن فاز في الانتخابات، سيحل أزمة غرداية، لكن أزمة غرداية كانت قائمة من سنوات، والرئيس المرشح كان وما يزال رئيسا بكامل الصلاحيات، فلماذا تأخر الحل إذا؟ لماذا هذه المزايدات؟ ولماذا يسد الجميع آذانهم، ويشيحون بنظرهم جهة الصناديق، بينما سكان آمنون يعيشون مرحلة من أسوأ مراحل تاريخهم.بشرونا بأن الرئيس سيتكلم، وسيلقي خطابا، وبأنه في صحة جيدة ويتابع كل الملفات، ولا يخفى عليه شيء، فلماذا لا يتكلم ويوجه رسالة إلى أهل غرداية، ليلم شملهم ويطفئ الجمرة التي اشتعلت بينهم؟ لماذا لا يكلف نفسه عناء الانتقال إلى هناك ولو لساعة زمن ويحاول بحنكته السياسية أن يجد الخلل ويوقف نهر الدماء الذي بدأ يتدفق هناك، قبل أن يصل إلى العاصمة؟ فالانتخابات ليست أهم من أمن الجزائريين. لماذا يرسل الرئيس برجاله إلى هناك ليزيدوا الأزمة تعقيدا، مثلما فعل سلال الأسبوع الماضي، لما حاول تنظيم تجمعين واحد للميزابيين والآخر للشعانبة، مكرسا بذلك التقسيم، وصب من جديد الزيت على نار الفتنة؟نعم لو كان بوتفليقة هو من يقوم بحملته الانتخابية أو هو من سهر على معالجة أزمة غرداية لما وصلت الأمور إلى هذا التعفن، ولما سقطت كل هذه الأرواح من الجانبين، لكن ولأن البلاد تسير بالوكالة، وبالنعرات القبلية والجهوية، ها هم سكان غرداية يتركون شأنهم، وأكثر من ذلك تستعمل مأساتهم في المساومات الرخيصة.منذ بضعة أشهر كتبت في هذا الركن، من يريد تمرير العهدة الرابعة على جسد سكان ميزاب؟وها هي الخطة المأساوية تطبق بميكيافيلية غير مسبوقة. ومن يدري على من الدور المقبل؟لا أظن أن نداء بني ميزاب الذين وقفوا بالعشرات أمس أمام دار الصحافة سيصل إلى آذان الرئيس، وهل تصله أخبار غرداية وحرائقها؟ لا أظن. لأنهم لو فعلوا لما استمرت المأساة؟غرداية جرح ما زال ينزف دما وفرقة؟!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)