الجزائر - A la une

بائعات المحلات يكابدن حياة الخماسة في قسنطينة



بائعات المحلات يكابدن حياة  الخماسة  في قسنطينة
تعيش المئات من الشابات القسنطينيات العاملات على مستوى المحلات التجارية حياة العبودية والقهر، وسط ظروف صعبة جدا خاصة وأنهن يشتغلن لساعات طويلة مقابل أجر زهيد جدا، ناهيك عن المضايقات والتحرشات التي يتعرضن لها من طرف الزبائن، وحتى أصحاب المحلات الذين يستغلون حاجة المغلوبات على أمرهن للعمل وكسب قوت يومهن لمساومتهن على شرفهن.قامت "السلام اليوم" بجولة على مستوى شوارع قسنطينة، للوقوف على خبايا هذه الظروف، كما طافت بعدد من المحلات للاطلاع على ظروف عاملات من نوع خاص يشتغلن في صمت، ولا تكاد الابتسامة تفارق شفاههن إرضاء للزبائن وأصحاب المحلات أيضا.شهاداتهن لم تكفيهن شر الحاجةصادفنا خلال مرورنا على المحلات في شوارع قسنطينة الكبرى، فتيات في ربيع العمر، محجبات وأخريات بملابس عصرية، كل محل وحسب السلع التي يعرضها، يوظف بناتا بما يتوافق ونوعية الزبائن فمن محلات الملابس والأحذية إلى الأقمشة، إلى العطور ومستحضرات التجميل إلى محلات بيع الهواتف النقالة مرورا بمطاعم الفاست فود والمخابز.. تعددت المهن رغم أن أغلبهن لا تمتلكن بالضرورة خبرة في الميدان بل أن بعضهن يحوز على شهادات ودبلومات، ولكن الهدف واحد كسب دنانير معدودات تغنيهن عن الفاقة.الشباب والجمال شرطان للعمل بالمحلاتأكدت لنا معظم البائعات التي التقتهن السلام اليوم خلال الجولة الاستطلاعية لمعرفة الأسباب الحقيقية لظاهرة تشغيل الفتيات في المحلات التجارية بعاصمة الشرق، واللائي يتراوح عمرهن بين 18 و22 سنة، أن غياب الرقابة من طرف مفتشية العمل للوقوف على التجاوزات التي يرتكبها بعض أصحاب المحلات ضد البائعات اللائي يعملن في المحلات التجارية، بعد أن يئسن من إيجاد عمل آخر رغم أن معظمهن متحصل على شهادات تكوينية في مختلف المجالات، وهناك حتى الجامعيات خاصة وأن معظمهن اتهمن مفتشية العمل بالتواطؤ والسكوت عن الظروف الصعبة التي تعمل فيها هؤلاء الشابات من أجل الحصول على أجر لا يكفل لهن كرامة العيش.ويبدو من خلال جولتنا أن الشرط الأول لتوظيف الفتيات هو الجمال والشباب لجلب الزبائن، وبالتالي رفع مداخيل المحل، وهي في الحقيقة تجارة من نوع آخر، تقول إحدى البائعات، فلولا الجمال والابتسامة لما بيعت سلع المحل، وأحيانا -تضيف المتحدثة- أنها تخرج خارج المحل لإقناع الزبائن بالدخول.أكثر من 12 ساعة عمل مقابل أجر "خمّاس"قالت إحدى البائعات، أنه يتم توظيف البائعات في أغلب الأحيان عن طريق الوساطة، وأضافت أنها قدمت عدة طلبات للحصول على عمل بالهيئات والمؤسسات العمومية أو الخاصة رغم حيازتها على شهادة ليسانس اختصاص المحاسبة، و"لكن لم أوفق في الحصول على عمل في اختصاص المحاسبة، ولم أجد إلا العمل بهذا المحل الذي كانت تعمل به صديقتي من قبل"، وتحدثت عن العمل المضني الذي تمارسه طول ساعات العمل بالمحل قائلة: "العمل يبدأ من الساعة التاسعة صباحا إلى ساعات متأخرة من الليل مقابل أجر شهري يعادل 9 آلاف دينار، كما أني مضطرة لتنظيف المحل يوميا"، وأوضحت أنها واجهت عدة مشاكل في البيت بسبب دخولها المنزل في ساعات متأخرة من الليل، ولكن تقول المتحدثة ليس لي خيار آخر لأنني بحاجة إلى الراتب الزهيد الذي أتقاضاه، خاصة وأن المعيشة أصبحت صعبة".أصحاب المحلات يشترطون على البائعات لباسا معينا لجلب الزبائنقالت نفس المتحدثة التي التقتها السلام في شارع ديدوش مراد بقسنطينة، وتبلغ من العمر 22 سنة، لم أجد عملا بأي محل تجاري لأني أرتدي الحجاب وعندما قابلت صاحب محل للعمل لديه قال لي إننا نوظف الفتيات اللائي لا يرتدين الحجاب"، لأن -حسب رأيه- الهيئة لها دور في جلب الزبائن، فلا تهمه سمعة المحل والفتيات اللائي يعملن في محله أكثر من همّه في جمع المال. من جهة أخرى، أكدت بائعة أخرى بمحل للملابس الجاهزة أن أصحاب المحلات يشترطون علينهن ارتداء التنورات القصيرة لجلب المزيد من الزبائن، وهناك الكثير من البائعات يوافقن على هذا الشرط، لأن معظمهن من الطبقة الفقيرة وهن بحاجة إلى العمل، وهذا ما جعلهن يتعرض يوميا للمساومات والمضايقات من طرف الزبائن والتحرش الجنسي حتى من طرف صاحب المحل.بائعات برتية عبيد في المحلات التجارية شتائم، إهانات نسمعها يوميا أثناء العمل ، تقول راضية التي تشتغل في محل بمدينة الصخر العتيق، حيث أضافت صاحب المحل يعاملنا معاملة سيئة، إضافة إلى أننا نُستغل بطريقة بشعة لساعات طويلة نقضيها في المحل مقابل راتب شهري ضعيف جدا، إضافة إلى أننا نقوم بأكثر من وظيفة"."فنحن نبيع السلع ونرتّبها ونقوم أيضا بدور المنظفات قبل مغادرة المحل"، واشتكت راضية أيضا من معاملة الزبائن قائلة: "أما عن معاملة الزبائن فحدث ولا حرج، حيث تصل بهم الوقاحة إلى ضرب البائعة؟!".الجامعيات ينافسن بطلات المعاناة خلال العطلالتقت السلام اليوم ، خلال الجولة الاستطلاعية التي قادتنا إلى محل كبير لبيع ملابس الأطفال الواقع بشارع عبان رمضان بقسنطينة، بالبائعة منال التي تبلغ من العمر 18 سنة، وهي تدرس بالجامعة تخصص ترجمة، قالت إنها تحتاج إلى مصاريف الدخول الجامعي لشراء كتبها وملابسها، خاصة وأن دخل والدها المتقاعد لا يكفي لتغطية مصاريف العائلة، ولهذا تجد أن العمل في هذه المحلات فرصة لجمع المال أثناء العطلة الصيفية، غير أنها اعترفت أن العمل في المحلات التجارية متعب جدا، مؤكدة تصريحات زميلاتها السابقات اللائي يتعرض للمضايقات من طرف الزبائن.مخالفة نزوات صاحب العمل تعادل الطرد دون نقاشكشفت لنا سلمى، بائعة في محل تجاري بإحدى شوارع قسنطينة، أنها طردت من عملها في محل تجاري آخر بسبب رفضها الرضوخ لنزوة صاحبه، حيث قالت: صاحب المحل تحرش بي جنسيا وعندما لم أرضخ لنزواته أصبح يشتمني كل يوم حتى أنه اتهمني بالسرقة، وبعدها قام بطردي من العمل ولم أتحصل حتى على حقي من الراتب الشهري"، وأضافت تقول وملامح التأثر بادية على وجهها: "أصبت بصدمة كبيرة حينها خاصة أنني بحاجة إلى المال لمساعدة عائلتي الفقيرة، ولم أجد أي جهة تسترد لي حقي المهضوم".الصينيون أكثر رفقا بالبائعات من الجزائريينكشفت لنا بائعة أخرى، أن العمل في المحلات الصينية أرحم من العمل عند أصحاب بعض المحلات الجزائرية لأنهم يحترموننا، وقالت المتحدثة: "كانت لي تجربة قاسية في المحلات التجارية التي يملكها الجزائريون، فنحن نعامل كالعبيد خاصة عندما يعلم أنك بحاجة إلى المال، ولكن عندما عملت في المحل الذي يسير من طرف صينيين فهم يحترموننا كثيرا ويقدرون قيمة البائعة، حيث يمكن العمل في راحة رغم أننا مختلفون في العادات والتقاليد واللغة وحتى الديانة".تركنا بائعات المحلات في مشاغلهن وهمومهن اليومية في الجري وراء الدينار، وعدنا من حيث أتينا وفي أذهاننا أمر واحد، وهو تلك المرارة التي تتجرعها بائعات بمستوى "خمّاسة" يتحمّلن القهر والإذلال من أجل كمشة دنانير.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)